Happy Chinese New Year

مقدمة بقلم الكاتب والناقد إبراهيم حمزة: حول المرأة المبدعة ، والكتابة " الأممية "


حول المرأة المبدعة ، والكتابة " الأممية "

متى نخرج من هذا "النفق"؟!

مقدمة بقلم الكاتب والناقد إبراهيم حمزة:

يبدو أن شعورا حاكما لدى الدكتورة مرفت محرم بأننا توقفنا فى منتصف المسافة فى كل شىء، ولم نستطع العبور مطلقا، عبرت عن ذلك بعنوانين متتاليين فى مجموعتيها " مفترق طرق " ثم " النفق " وهو ما يعنى وجود مشروع فكرى متصل لدى الكاتبة، يرتبط هذا المشروع باتجاهها العقيدى، والتزامها، وهو ما يجعل النظر فى إبداعها مقيدا برؤيتها الاجتماعية والدينية، وهو ما يؤثر بالسلب على بنائية القصة ذاتها فى بعض الأحيان، مثلما نرى فى قصة " قابيل وهابيل " وهى قصة شاعرية رقيقة رغم حديثها عن الموت والقتل والطمع، لكن الموقف ذاته يشى بإنسانية واضحة، حين يطلب أحدهم من الراوى أن يوقف السيارة ليجد ملاذا آمنا من أخيه الذى يوشك أن يقتله ، (أتوسل إليك خذنى بعيداً عن أخى الذى يتبعنى؛ هو مصمم على قتلى؛ روحى أمانة فى عنقك!) .

بينما تنعتق الكاتبة من تقليدية الرؤية فى قصة من أهم قصص المجموعة، قصة " ولادة متعسرة " وما يميز القصة هنا اتساع الرؤية، حيث نجد مثلا التحكم الكامل للتكنولوجيا فى حياتنا، ونجد تراكم هموم السنين التى تجعل الجنين يرفض الخروج، ونجد تداخل الممكن بالمستحيل، سعيا نحو أسطورة تتشكل بتقنية مختلفة، وببساطة أكبر، حيث تتخذ المجموعة فكرة " المفارقة " متكأ بنائيا لقصص متعددة فى المجموعة، وربما أهمها " دعوة للعشاء " حيث نقارن بيسر ودهشة بين العشاء الفخم الرهيب بأحد الفنادق الكبرى، والوليمة التى تأسست حول كوم " زبالة " تشارك الإنسان والحيوان فيه، القصة هنا تقول الكثير بدون ثرثرة ولا توضيح، وهنا مدخل نحو قصة مميزة، نفس المفارقة تحكم قصة " حدوتة من قرية " حيث الماء الملوث الذى ينكره الإعلامى بينما يتخوف من استخدام ماء القرية فى الشرب، هناك مشكلة فى استخدام المفارقة فى البنية القصصية، إنها الاعتيادية، فلو توقع القارىء بنية القصة ونتيجة المفارقة المستخدمة، فقد سقطت القصة، ولذا تحتاج المفارقة على نعومة وصدق فى التناول، ومن هذا الاستخدام الطريف للمفارقة نجد قصة " زيارة " والتى أدعو الكاتبة لاتخاذها نموذجا للقصة الطريفة التى تتفهمها جيدا، وتنسج منها نسيجا وحده، فالمرأة حين تتدلل على زوجها، تطلب طلبات لا تعقل، وبطلتنا هنا تقول لزوجها شاكر – لاحظ دوما المفارقات فى استخدام الاسم، فشاكر حزين ومعترض وناقم، وسعيد جنين كئيب لا يود الخروج .. إلخ . ولذا تقول الزوجة لزوجها :

ـ أريد زيارة القمر يا شاكر.
وكأنها تدعونا للخروج فى نزهة للقناطر!

وهنا تتخذ الكاتبة ثقافتها العلمية لنسج القصة، فالزوج يتصل بشركة Excalibur Almaz البريطانية؛ المتخصصة فى حجز التذاكر لتلك الرحلات الفضائية... وهو ما يجعلنا نتوقف مع القصة، وجوانب التجديد فيها، من خلال تكثيف الحس الساخر اللطيف النسوى، ورد الفعل الزوجى برقته وحيائه وطيبة قلبه، ثم التكثيف للمفارقة بحيث تحيل إلى الفرق بيننا وبين الغرب .

القصة إذن -  ككل الفنون – ابنة بيئتها، وهذه البيئة تتغير ببطء، لكن بسرمدية، وهذا التغير دوما ينقل المجتمع بشكل مرتبط بمؤثر خارق خارج المجتمع، فبيئتنا العربية قليلا ما تبادر أو تبادىء أو تخطط للمستقبل، ولذا سنجد الجبرتى يورد بيانا من علماء الأزهر صدر فى أكتوبر 1798 بتحريض من نابليون، وجاء فيه " نصيحة من كافة علماء الإسلام بمصر المحروسة، نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ونبرأ إلى الله تعالى من الساعين فى الأرض بالفساد، نعرف أهل المحروسة أن طرف الجعيدية وأشرار الناس حركو الشرور بين الرعية وبين العساكر الفرنساوية بعدما كانوا أصحابا وأحبابا بالسوية " .

ولهذا نجد الكاتبة تستخدم فى بعض الأحيان هذه الطريقة " الجبرتية" الجميلة، التى يستخدمها كتاب المقامات، لكن الكيفية التى تستخدمها بها، لا تتحملها قصة قصيرة بهذا الحجم، وهو ما يعنى ضرورة تطور رؤى الدكتورة مرفت محرم، حيث أنه بالنظر على المجموعة السابقة، سنجد مجموعتنا هذه تطورا لما أسست له فى مجموعتها الأولى، وهو ما يعنى اتساع الرؤية لدى الكاتبة، واتساع الحس التجريبى لديها، بشرط قطع سبلها القديمة مع التقليدية، فالكاتبة تجمع بين صدق الشعور، وبين تقليدية التعبير، تمتلك ما ينقص الكثيرين، وتفتقد ما ينتشر لدى الجميع، فلتعقد الكاتبة مصالحة بين صدق مشاعرها وأمومة الكتابة لديها، وبين طرق التعبير الأكثر تأثيرا، وهى مصالحة يستفيد منها القارىء بلاشك ، فالصلح – دائما – خير .

إبراهيم حمزة .




آر بى جى الإفطار: قصة قصيرة بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم


آر بى جى الإفطار

فى الوقت الذى انطلق فيه مدفع رمضان بقذيفته الصوتية الشهيرة؛ أطلق (مصاص الدماء) دانته الغادرة المغيرة؛ على دشمة عسكرية؛ تقع على حدود الوطن من الناحية الشرقية؛ فتناثرت الجثث والأشلاء؛ فى كافة الأنحاء المحيطة؛ وتخلفت عن الانفجارات حفر عميقة؛ ولم يتبقِى من الأحياء غير ذكريات؛ لم يمضِ على حوارها الذى كان إلا دقائق معدودات:

ـ غداً ميعاد أجازتى الشهرية، وسأفطر مع زوجتى وأولادى؛ أحبابى وفلذات أكبادى
ـ ربنا يخليهم لك، ويخليك لهم
ـ أخبار والدك (إيه) يا محمد؟  
ـ الحمد لله بخير؛ كلمنى من ساعة؛ وطمنى على أمى واخواتى، لكن قال لى: أمك قلقة عليك، وتوصينى (أخلى بالى من نفسى اليومين دول)
ـ واجب كنت تكلمها لتطمئن أكثر؟!
ـ بكره أكلمها بإذن الله
ـ جهزت الطعام؛ خلاص؟ ... ما عاد شىء على المغرب
ـ نعم؛ كله تمام
ـ أين المياة المثلجة؟!
ـ الكهرباء مقطوعة منذ 4 ساعات، غداً نعمل حسابنا ونحضر بلاطة ثلج
ـ قل ان شاء الله، يا (هنا لمن يعيش لبكره)!
ـ يا الله يا جماعة قولوا بسم الله
ـ بسم الله.... اللهم لك صمت وعلى رزقك أفـــ .

ثمن اللقاء : قصة قصيرة بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم


ثمن اللقاء

لم يكن يدور بخلدها؛ أن ولدها الذى أثبت تفوقه فى الماراثون التعليمى الطويل والمكلف والشاق؛ سيجلس فى البيت؛ منتظراً عملاً يناسب ما يحمله من شهادات وأوراق!

لقد ترك لها والده ـ رحمه الله ـ رصيداً كبيراً فى أحد البنوك التجارية؛ وأضحت فوائده لا تفى بمتطلباتهما المعيشية

ففى ظل ارتفاع الأسعار، وانخفاض سعر الفائدة؛ رأت تلك الوالدة؛ أن تسحب الرصيد؛ لتنفذ مشروعاً جديداً؛ يديره ابنها الوحيد وهو خير من يدير؛ فيعود عليهما بالخير الوفير....

هداها التفكير لتلك الفكرة؛ فقادتها قدماها إلى البنك؛ وأثناء جلوسها؛ فى انتظار دورها؛ وقع نظرها على الجالس بجوارها؛ شاب وسيم فى عمر ابنها، يبدو عليه مظاهر الثراء، ويشع من عينيه بريق الذكاء....

 تآلفت الأرواح من النظرة الأولى؛ وبدأ هو بالحديث إليها حديث ود وصفاء؛ فأخبرها أنه جاء لسحب بعض أمواله لعمل توسعات جديدة لمشروعه التجارى الناجح؛ سعياً وراء المزيد من النجاحات؛ ثم أبدى إعجابه بها؛ وبأناقتها وحسنها وثقتها فى نفسها؛ وشعر بعاطفتها نحوه تزداد توطداً وارتباطاً

جاء دورها؛ فسحبت رصيدها، ووضعته فى الحقيبة؛ وهى سعيدة أيما سعادة؛ وقبل أن تنصرف إلى بيتها؛ وجدت الشاب فى انتظارها؛ فمنحته رقم جوالها؛ ليكونا على اتصال

عاونها على الخروج؛ وودعها وداع الحبيب للمحبوب؛ فبادرته فى الحال بإشارة تأكيد على رقم الجوال
  
عادت وفاء إلى منزلها؛ وصورة أحمد تلازمها، والسعادة تفرد جناحيها لتحملها إلى عالم من الخيال؛ الذى أضحى قريب المنال؛ فقد وفقها الله بالتأكيد؛ إلى من سيساعدها فى تنفيذ مشروعها الجديد؛ وقلب تبحث عنه منذ زمن بعيد...

دق الهاتف.... فتحت .... سمعت
ـ صباح مشرق سعيد؛ أشكرك على ما حققتيه لى من سعادة؛ بحثت عنها طويلاً؛ لن أنساكِ أيتها الحبيبة؛ سأسافر الآن فى رحلة عمل، وعند العودة سأعاود الاتصال ... سلام

صوته الرجولى الحنون؛ ظل يتردد على مسامعها حتى بعد أن أغلق الخط؛ ثم اتجهت كفراشة حالمة نحو حقيبتها؛ فوجدتها خاوية.

قابيل وهابيل: قصة قصيرة بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم


قابيل وهابيل

استغاثة الرجل الذى يسابق عادم سيارتى؛ أجبرتنى على التوقف لاستطلاع الأمر؛ نصل سكينه أفزعنى؛ كاد قلبى يخرج من صدرى؛ لكن اضطرابه وانهياره لا يوحى بأنه مجرم

ـ أتوسل إليك خذنى بعيداً عن أخى الذى يتبعنى؛ هو مصمم على قتلى؛ روحى أمانة فى عنقك!

نظرت للخلف تجاه إشارة يده المرتعشة؛ لم أستبين من الظلام سوى شبح على بعد أمتار يهرول نحونا

دون انتظار لموافقتى قفز المُطَارَد داخل السيارة، وأمرنى بالانطلاق بأقصى سرعة

أبعدته عن الخطر؛ وخطر على بالى والدى ـ رحمه الله ـ الذى حرص على ألا يترك لنا ميراثاً نتقاتل عليه!

الاسم الأخير: قصة قصيرة بقلم الدكتورة مرفت محرم


الاسم الأخير

مطرقة الزمن تدق بلا وهن؛ معلنة اقتراب وصول غريب إلى أرض الوطن؛ فانطلقت العصفورة من عشها؛ لملاقاة وليفها؛ وهى ترقص رقصات طفولية؛ على تلك الأنغام الإيقاعية.... فى الوقت الذى همت فيه كائنات بحرية لاستقبال الضحايا!

وعلى طريقة (مصائب قوم عند قوم فوائد) تحولت موائد أسماك القرش فى لحظات؛ إلى عمل بهمة ونشاط فى الإذاعات والتلفزيونات المحلية والعالمية؛ وتناقلت وكالات الأنباء خبر غرق العبارة، وعلى متنها مئات الركاب

ومن حين إلى حين؛ تصدر بيانات بأسماء الناجين من الغرق؛ مجرد أسماء على ورق؛ فى كشوف طويلة ومهولة؛ تفحصتها الزوجة المكلومة على عجل؛ فلم تجد اسم زوجها؛ فعادت أدراجها إلى بيتها؛ ترثى حالها، وتندب حظها....

وما كادت تفتح الباب حتى انفتحت معه سعادتها؛ وانقلبت أحوالها من حال إلى حال؛ فقد كان اسم زوجها غريب عبد العال سمير،وأمه آمنة؛ هو الاسم الأخير فى تلك القائمة .

زيارة : قصة قصيرة بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم


زيارة


جلسنا أمام التلفاز نتابع خبر وفاة (نيل أرمسترونج) أول رائد فضاء وطأت قدمه سطح القمر؛ بادرتنى زوجتى (أم عمر):
ـ أريد زيارة القمر يا شاكر
وكأنها تدعونا للخروج فى نزهة للقناطر!

قمت على سبيل الترضية الزوجية؛ بالاتصال بشركة Excalibur Almaz البريطانية؛ المتخصصة فى حجز التذاكر لتلك الرحلات الفضائية؛ فأفادونى بأن سعر التذكرة من سطح الأرض إلى سطح القمر  150 مليون دولار (أمريكانى) أى بالمصرى = قيمة راتبى + راتب زوجتى (لمدة 90 ألف عام)



فمن داخل النفق الإنسانى حمدت الله؛ على العطاء الربانى الذى وهبنا إياه؛ فرحيلنا إلى السماء مجانى بمغادرة الحياة!

دعوة للعشاء: بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم


دعوة للعشاء

جاءتنى دعوة من أحد الأصدقاء الأعزاء؛ لتناول العشاء ذات يوم؛ فى أحد فنادق الخمس نجوم؛ وهى دعوة من الدعوات التبادلية؛ التى تنطبق عليها الأمثال الشعبية الشيك (يوم لك، ويوم عليك)!

الديوك على المائدة تناديك؛ وبجوارها أطباق الكفتة والكباب والبوفتيك؛ ومن مأكولات البحار؛ الجمبرى الجامبو والكفيار وسمك بالطماطم والزيتون؛ والسلاطات على كل شكل ولون؛ وباقة من الزهور والأنغام؛ لفتح شهية الزبون الهمام!....

جلست إلى المائدة العامرة؛ والبطن ناكرة وغير شاكرة؛ فأخذتنى حيرة الاختيار؛ فكثرة الأصناف تشتت الأنظار... وكنوع من الإتيكيت؛ التزمت التضييق على نفسى المفتوحة قدر الإمكان؛ حتى لا أظهر لمضيفى بمظهر الفجعان  

وبعد الانتهاء من بروتوكول العشاء؛ شكرته على تلك البانوراما الغذائية؛ التى أمتعت بصرى متعة حصرية؛ أو حسرية!

ففى الطريق إلى البيت؛ استوقفنى مشهد غريب؛ لمطعم كبير وعجيب؛ يقدم الغذاء المجانى؛ لكل من يعانى الفقر الرهيب؛ رواده من النساء والأطفال؛ المزاحمين للقطط والفئران؛ فى بحثهم الحثيث بلهفة وارتباك؛ عن لقمة عيش فى هذا (المقلب) أو ذاك!
  

الجوهرة : قصة قصيرة بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم


الجوهرة

لم تمهلها الأقدار أن تفرح بزواج وحيدها؛ قبل أن تلقى وجه ربها الكريم... وهاهو الأب الحزين على فراقها؛ يستمسك بثمرة زواجهما السعيد؛ بالقض والقضيض...

تناول الابن الوحيد القلم؛ وراح يقص ما كان؛ بقلب ملىء بالألم، مثقل بالأحزان: 

لم أكن أتوقع فى يوم من الأيام؛ أن يرفض والدى ما يحقق سعادتى رفضاً تاماً؛ بحجة الارتباط، وخشية الفراق!

تلك الحجة التى أعتبرتها واهية؛ وداخلنى الشك فى النوايا الخافية... فرغم كونها فتاة رائعة الحسن والجمال، وقمة شامخة من قمم الأخلاق؛ إلا أنه رفض بشكل تام؛ ارتباطى بها الآن على الإطلاق!

مرت الأيام كأنها أعوام؛ وجاءها الخطاب من كل مكان؛ فآثرت الابتعاد بقدر الإمكان؛ ثم عدت من جديد... عازماً عزماً أكيداً على الارتباط بها؛ ففاجأنى والدى بخبر غريب؛ يفيد بتقدمه لها:
ـ لقد خطبت الفتاة
فقاطعته بدهشة واستغراب:
ـ وهل وافقت؟!
فأجاب بدهشة أكبر، واستغراب أشد:
ـ ولم لا؟!!
صدمنى الرد، وأصابنى الذهول، وفقدت القدرة على النطق؛ قبل أن يقول:
ـ إن الجواهر لا تمكث كثيراً فى الانتظار؛ فبريقها يخطف الأبصار؛ لهذا فقد رأيت أن أخطبها لك؛ قبل أن يلتقطها غيرك.

الراقصة: فصة فصيرة بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم


الراقصة

اعتاد الشباب وبعض الأزواج؛ على الذهاب لصالات الرقص والغناء؛ دون مرافقة الزوجة والأبناء؛ غير أن اللافت للنظر احتشاد الأسر بصورة رائعة؛ فى هذه الصالة الواسعة؛ لمشاهدة الفاتنة البارعة الحسن والجمال؛ التى جذبت العيون، وسيطرت على العقول، وأطلقت للخيال العنان....

والحضور هنا على كثرته العددية يلفه صمت وإعجاب تام؛ وهو يتابع باهتمام؛ حركاتها الأنثوية؛ على أنغام موسيقية، وأضواء ساحرة بهية؛ بمختلف الأشكال والألوان
  
بعد مضى نصف ساعة؛ صفقت القاعة تصفيقها الحاد؛ تعبيراً عن الإعجاب بهذا الجمال الفتان؛ فقد انتهى العرض، وتوقفت الموسيقى، واختفت المياه الراقصة. 

كابوس آخر الليل : قصة قصيرة بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم


كابوس آخر الليل

لقد لمع إسمى فى عالم الجراحة التخصصية، وبقدر نجاحى فى حياتى العملية؛ بقدر إخفاقى فى حياتى الزوجية؛ التى انعكست بشكل كبير؛ على عملى الدقيق الخطير....

قمت بإجراء عملية زرع قلب؛ لشاب فى الثلاثين من العمر؛ ونجحت بتوفيق من الله عز وجل؛ وعند مغادرتى المستشفى لم أجد هاتفى المحمول؛ فى جيبى كما اعتاد أن يكون؛ فلم ألقِ بالاً؛ ولم أعر الأمر اهتماماً؛ فعقلى مشغول؛بما سيكون عليه الحال؛ عند الوصول إلى بيت الزوجية؛ الذى أضحى مرتعاً للمشاحنات والمشاجرات المختلقة اليومية؛ فركبت سيارتى؛ وتوجهت نحو منزلى الذى فيه بلوتى!

مضت أيام ثم تردد علىَّ مريضى؛ للمتابعة والاطمئنان؛ فوجدته يشكو من كابوس مزعج يأتيه ليلاً؛ بصوت امرأة سليطة اللسان؛ تبدأ بالشتائم، وتنتهى بعبارات التهديد والوعيد....

وضعت السماعة على صدره النابض؛ وأنا غاضب إذ كيف يكون لتلك العملية؛ هذه الأعراض الكابوسية؟!!...

وبعد لحظات من التنصت عليه؛ أتانى الكابوس المشار إليه؛ إنه صوت زوجتى... تهاتفنى جهاراً نهاراً!!

يد القدر: قصة قصيرة بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم


يد القدر

عدت من بعثتى إلى الخارج؛ عازماً على أن أخوض غمار بحث علمى؛ لاكتشاف مصل مضاد لفيروس C؛ الذى فتك بأمى منذ سنوات، وبات يهاجم أبناء وطنى بالذات؛ دون تمييز بين أطفال ورجال وسيدات....

وبعد يوم طويل من العمل الشاق؛ خرجت من إحدى المستشفيات؛ حيث سحبت من بعض المصابين هناك؛ عينات عديدة؛ وسجلت ملاحظات مفيدة

وفى الطريق إلى المعمل لاستكمال أبحاثى؛ لم تمكنى حركة السيارات من العبور بأمان؛ رغم إشارة المرور الواضحة للعيان؛ وحرصاً على إجراء الفحص؛ لخدمة أهداف البحث الآن؛ تسللت بين السيارات بالتواءات ثعبان

وقبل أن تلمس قدمى الرصيف المقابل؛ اختلط الحابل بالنابل؛ نتيجة سقوط دراجة نارية فى بالوعة كُشف عنها الغطاء؛ فقضت على السائق المصاب بفيروس سى الذى جاء إلى المشفى منذ قليل؛ لعرض حالته على العالم الجليل؛ أملاً فى الشفاء!

قطار الحياة: قصة قصيرة بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم


قطار الحياة

امرأة فقيرة عاندتها الأقدار؛ فرحل عائلها بعد معاناة مع المرض؛ على عتبات مشفى لم تتوافر فيها سبل العلاج؛ تاركاً لها أربعة أبناء صغار

تفترش الأرض معهم، ويلتحفون معها السماء؛ وكعادة سكان العشوائيات؛ تنعكس سكناهم على وسائل ارتزاقهم، ومعيشتهم التى ينطبق عليه المثل (عيشه والسلام !)

تبيع المناديل فى إشارات المرور؛ لتنفق على أبنائها الصغار؛ غير أن الارتفاع الجنونى للأسعار؛ تجاوز قدرتها على الصعود والصمود؛ فقررت أن تحرم نفسها؛ نظير أن توفر لصغارها؛ ما يقيم أودهم، ويحمى أجسامهم الضعيفة  من الهلاك

فأصابتها الأنيميا الخبيثة؛ وعز عليها أن ترى فلذات كبدها فى حالة من العوز والجوع والضياع؛ وهى لا تملك لهم ما يطعمهم من جوع، ولا ما يؤمنهم من خوف؛ فقررت الموت خلاصاً من عذاب الفكر، وقسوة الأوجاع....


أمام قضبان القطار وضعت أطفالها الصغار؛ انتزعت نفسها منهم انتزاعاً، وراحت لحال سبيلها؛ تتعجل نهاية آلامها؛ بلقاء ربها الوشيك

اقترب القطار من الصغار؛ فى اللحظة التى كانت فيها العناية الإلهية؛ راعية لهم....

الشجرة الباكية : قصة قصيرة بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم


الشجرة الباكية

فى هذه الحديقة الغناء؛ وقفت فى شموخ وعظمة وكبرياء؛ شجرة يانعة ورقاء؛ على مساحة شاسعة؛ رافعة رأسها نحو السماء، ضاربة بجذورها العريقة؛ فى أرض خصبة عميقة....

بين أغصانها أعشاش الطيور التى تأوى إليها وتنام؛ فى أمان تام؛ غير أن دوام الحال من المحال؛ فالطيور منها الغربان السود، ومنها الطير الودود، ومنها العنود، وفيها القبيح، وفيها الجمال، ومنها المحب، ومنها الحقود، ومنها الذى جارعليها فقطف الثمار قبل الأوان، وجز الزهور، وحط عليها السموم؛ لتهرب منها طيور أرادت حياه؛ بعيداً عن أعشاشها التى كانت رمز الأمان، وحضن المحبة؛ غصن السلام

فحزنت كثيراً على طيرها، وعلى أغصانها؛ التى فقدت أوراقها وزهورها وثمارها، وجفت دموع المآقى عليها... ومنها؛ ورغم الجفاف، ورغم الجفاء؛ تبعث فينا على عهدها روح الوفاء، وبهجة عيد، ومجد عتيد، وطيرين رفعا أكف الضراعة نحو السماء، هلال صلاة... صليب صلاة؛ فتأتى إليها... قريباً قريباً؛ مياه الحياة .

اختناق : قصة قصيرة بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم


اختناق

أسير ببطىء شديد فى بلدى المحروسة؛ تعلونى سحابة من الدخان الكثيف؛ أتنفس بصعوبة بالغة، أكاد أختنق؛ يحيطنى زحام شديد...

بعيون حزينة أرقب طوابير من البشر؛ فى غير نظام أو ترتيب:
(1) بلطجة أمام مخابز العيش
(2) مشاحنات فى مخازن أنابيب البوتاجاز
(3) صراع بين السائقين للحصول على حصتهم من البنزين
(4) اختناقات فى المرور
(5) بيع مياه النيل فى جراكن للمحرومين

قبل أن أكمل رؤيتى للمشهد الحزين؛ انقطع التيار الكهربائى؛ فهمد جسدى مع همود المراوح وأجهزة التكييف، وتصببت عرقاً، وسقطت مغشياً علىَّ؛ فحملتنى عربة الإسعاف إلى غرفة الإنعاش....
ومازلت فى انتظار الطبيب.

أمل : قصيدة بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم


أمل

شمس وقمر فى السما

منذ الخليقة نورهم عجيب

قهر الظلام مهما طغى

دا ظلمته لازم تغيب

الشمس تطلع بالنهار

تمحى الظلام الرهيب

يسطع قمرنا فى السما

يخفى سواده العنيد

مهما الفساد عاث فى البلاد

شمس الحياة تشرق تبيد

ومعاها قمر الهداية وعقيدة التوحيد

هما المنارة فى السما

من ربنا الحى المجيد

حتى نحقق حلمنا

ونعيد لمصر أمنا

مجد الحضارة من جديد

صلاة الأرواح : قصة قصيرة بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم


صلاة الأرواح

علامات الفرح والسعادة ترتسم على وجوه المحتفلين برأسى السنة الميلادية والهجرية؛ وهاهو أسعد وعبد الله يلتقيان لتهنئة بعضهما البعض، ويتحدثان عن الأحلام والطموحات والآمال المشتركة، ويدعوان للوطن بالتقدم والرفعة والسلام، ويتعانقان فى محبة ووئام

وما هى إلا لحظات حتى توقفت سيارة مجهولة بين المسجد والكنيسة؛ وفى أقل من الثانية حدث الانفجار

لم تمنعهما حالة الهلع والذعر الذى ساد المكان من استمرار العناق؛ ورغم تناثر أشلائهما بعد لحظات؛ ظلت أيديهما فى تلاق أبدى وارتباط 

زهوة الانتصار! : قصة قصيرة بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم


زهوة الانتصار !

اعتاد مشجعى كرة القدم فى كل زمان ومكان؛ أن يحتفلوا بفوز ناديهم بالهتاف ورفع الأعلام، والرقص والأنغام.... غير أن ما كان فى حاضر العصر والآوان من أحداث جسام؛ تستحق الذكر وتسترعى الاهتمام؛ لا ينبغى بحال أن يمر علينا مرور الكرام

بتلك المقدمة مهدت لقلمى الطريق؛ بعد أن يفيق من صدمته، ويعبر مفترق حيرته ودهشته.... ليسجل بمداد السواد والحداد؛ كلمته الممزوجة بالأسى والحزن العميق:

لم يكد الفريق الذى سدد الأهداف ينهى مباراته الرياضية؛ حتى انقض جمهوره الغالب بطريقة مدبرة هجومية؛ على الجمهور المغلوب بأساليب بلطجية؛ فأزهقوا أرواحاً بريئة بوحشية دنيئة؛ فتحول الفوز السامى إلى فعل إجرامى؛ وزهوة الانتصار إلى وصمة عار....

صمت القلم؛ وهتف الجميع تحت العلم:
مصر أنت أغلي درة
فوق جبين الدهر غرة
يا بلادي عيشي حرة
واسلمي رغم الأعادي

الفتنة : قصة قصيرة بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم


الفتنة

وقف (ياسر) أمام أمه مذهولاً وفى يده الملطخة بالدماء سكينه التى ذبح بها أخاه!

فى محضر التحقيق اعترف بالجريمة التى عدها تنفيذ لحدود الله!

ثم سُمح للمقتول أن يدلى بأقواله ـ لأول وآخر مرة فى التاريخ ـ :
ـ لم أكن أتوقع أبداً وأنا أسير برفقة خطيبتى وشقيقتى؛ أن يقطع علينا طريق سعادتنا ـ باسم الإسلام ـ شاب متجهم الوجه، غليظ القلب؛ فيفصل بين عروسين يجهزان لإتمام زواجهما خلال أيام، ويقضى فى لحظة اندفاع وتهور على حلم حياتهما؛ الذى بات تحقيقة ـ بفعلته النكراء ـ  أمراً مستحيلاً

الأم خارج مكتب التحقيق تولول:
ـ أنا السبب؛ لو كان عرف أنه أخوه؛ ما كان حصل الذى حصل!
راحت بعض النسوة المرافقات لها يصبرنها ويحاولن ـ على عادة النساء ـ استجلاء حقيقة العلاقة بين القاتل والمقتول؛ وكيف يكونا إخوة ولا يعرفان بعضهما البعض!

فحكت لهن ما كان ـ بصوت واهن لم يصل إلى مسامعى ـ فمنح للتخمينات فضاءً شاسعاً؛ يسبح فيه الخيال....
.,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

ـ نُشرت هذه القصة فى موقع دنيا الرأى على الرابط التالى
http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2012/08/19/268706.html

سوق المساومة : قصة قصيرة بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم


سوق المساومة

فى السوق الحمراء قام خلفاء جولي روجر ـ أول من رفع علم القراصنة ـ بخطف واحتجاز رجل أعمال شهير؛ والمساومة على إطلاق سراحه؛ نظير مبلغ كبير

لم يكن أمام أهله وذويه من خيار؛ إلا الرضوخ لمطلب هؤلاء الأشرار اضطراراً....

مليونين من الجنيهات وضعت فى حقيبة سوداء؛ فى انتظار تحديد موعد ومكان اللقاء

بعد ساعات عاد رجل الأعمال؛ مهنئاً هؤلاء الأذكياء على قدرتهم البارعة فى خداع القراصنة؛ ومنحهم أموالاً مزيفة! 

رقصات فى الأدوار العليا: بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم


رقصات فى الأدوار العليا

أخرجت تلك العمارة الشاهقة لسانها لقوانين البناء؛ وأضحت تناطح السماء؛ والمستأجرين الجدد مستجيرين من الرمضاء بالنار؛ مستهينين بالأخطار رافعين شعار (العمر واحد والرب واحد)!

لم يُشبع نهم المالك ثمار عشرة سنوات قضاها صابر فى بلاد الغربة؛ التى حرمته من وداع أبيه؛ فقد قضى نتيجة مرض طارىء، وإفلاس مستديم

وهاهى أمه تعصر حزنها فى صمت، وتعيش وحدها فى عزلة؛ بعد أن رفضت خطيبته أن يكون عش زواجها من صابر فى هذا البيت العتيق... فكان لها ما أرادت

وكان لأمه ما أراده الله لها من ابتلاء؛ أقعدها المرض؛ فصار بيتها ملاذاً للناجين من الغرق فى محيط الحياة، والباحثين عن رضى الله جل فى علاه .....

بجوار زوجته فى الدور الـ 21 حيث لا صوت يعلو فوق صوت الموسيقى الراقصة؛ والسعادة الزوجية الغامرة؛ شعر صابر بنفاد صبره من هذا الدوار الذى ينتابهما بين الحين والحين؛ فقررا الذهاب من فورهما إلى الطبيب

فى حجرة الانتظار؛ كان التلفاز يذيع الأخبار، وعلى رأسها الخبر العاجل: انهيار برج بابل والضحايا بالعشرات

صمتا للحظات قبل أن يتوجها إلى الملاذ الآمن الوحيد؛ وفى نيتهما ـ فى الغد القريب ـ الانتقال إلى برج راقص جديد!

النفق: قصة قصيرة بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم


النفق

"النفق في المنام مكر وخديعة" هكذا فسر الشيخ بركات حلمى الذى بات يلازمنى؛ وينذرنى بما هو آت .....

فعلى صفحات الصحف أقرأ :
"أنفاق تحت المسجد الأقصى بغية تدميره"
"ظاهرة أنفاق غزة تعرض أمن الحدود للخطر"
"الرئاسة الفلسطينية تدعم إغلاق أنفاق غزة"

أسلمت جسدى للنوم؛ فرأيت فيما يرى النائم؛ أشجار المشمش العربية تنبت؛ فتسد مداخل ومخارج أنفاق المسجد الأقصى، وتوقف العمل بها أيضاً! 

أمومة : قصة قصيرة بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم


أمومة

يقولون القط بسبع أرواح؛ أما البنى آدم فروحه فى أنفه؛ دفعته الغيرة من هذا الكائن الصغير؛ الذى يمتلك قدره عجيبة على الإفلات من الموت؛ إلى تقمص الصوت؛ فانتابته حالة من المواء؛ وهو يواجه كارثة الغرق.... لم يسمعه أحد؛ فعاد إلى الصراخ والصخب:
ـ أغيثونى... إنى أغرق... إنى أغرق

بعد سنوات من تلك الحادثة؛ هاهى قطته البائسة؛ قد رزقت بسبع قطط؛ فامتلأت الشقة بتسع وأربعين روحاً؛ ينظرون إليه شذرا وكأن البيت بيتهم، وهو المتطفل عليهم!

اتخذ قرار عقاب الأم التى خربشته؛ عندما أراد أن يداعب القطط الصغار، ويربح تعاطفهم معه، على اعتبار أن وجودهم؛ تعويض له عن الأولاد؛ الذين شاء رب العباد؛ أن يحرمه منهم

فوضعها فى زكيبة، وحملها كالحقيبة، وألقاها فى صحراء؛ حيث لا زرع ولا ماء؛ وعاد نافضاً يديه من الغدر والعار؛ الذى لحق بهما فى وضح النهار

وبعد أن قضى بعض الوقت فى التجول والشراء؛ عاد إلى شقته الغراء؛ ليجد قطته فى عقر الدار وحولها الصغار؛ فرحين بعودتها؛ وهو واقف على الباب بحمله الذى معه؛ تخترق جسده رصاصات عتاب توشك أن تصرعه .

القضية: قصة قصيرة بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم


القضية


نظر القاضى فى أوراق الدعوى رقم 44 لسنة 6666 وهى دعوى خيالية؛ غير مطابقة للمواصفات العصرية شكلاً وموضوعاً؛ مرفوعة من أحد المعارضين المتشددين؛ ضد قاسم أمين!

تم استحضار المتهم ثم وضع بين القضبان؛ لا تسألنى: كيف؟ فإجابتى وردت فى مطلع الكلام

ـ ما اسمك وسنك وعنوانك؟
ـ قاسم محمد أمين ـ 36 سنة ـ مصر المحروسة
ـ ما قولك فيما هو منسوب إليك من اتهام بالدعوة للسفور، والخروج عن تعاليم الدين؛ والاستشهاد بما ورد فى كتابك القديم (تحرير المرأة) الذى صدر عام 1899؟

ـ العزلة بين الرجل والمرأة ليست أساسا من أسس الشريعة، والحجاب السائد فى عصرى ليس من الإسلام، وأن لتعدد الزوجات والطلاق حدود يجب أن يتقيد بها الرجل، وأن دعوتى لتحرير المرأة لتلم بشئون الحياة هو عين الصواب؛ وقد أعطاها الشرع هذا الحق ..

بعد سماع أقواله رفعت الجلسة للنطق بالحكم
وأثناء الانتظار بالقاعة؛ اكتشف بعض المتواجدين بالقرب من الباب؛ لصاً مختبئاً فى غطاء يسمونه نقاب!

فأشار إليه قاسم أمين؛ أمام المتواجدين وقال:
ـ تلك هى القضية!

حدوتة من قرية: قصة قصيرة بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم


حدوتة من قرية

"من قرية (sun soft) (الشمس الناعمة)؛ أنقل لكم بكاميرا متشائمة؛ هذا التقرير الإخبارى لقناة (النيل) للأنباء؛ حصرياً (بالصاد أو السين) على حد سواء...."

قام صاحب المقهى الشائن بتغيير القناة؛ حتى لا يعلم الزبائن بخبر تلوث المياه؛ فيحجمون بكل تأكيد؛ عن شرب الحلبة والينسون، والشاى بالحليب!

لم يمضِ كثير وقت على محاولته الجهولة؛ حتى مرت أمام أعينهم الأهالى المحمولة على الأكتاف؛ أو فى سيارات الإسعاف.... دون أن يدركوا أسباب تلك الكارثة المهولة بشكل كافٍ؛ فبعضهم أرجع السبب؛ للعين والحسد، والمس الشيطانى؛ وراحوا يحثون الأهالى للانتباه؛ إلى العلاج القرآنى دون سواه؛ من وسائل التشخيص والمداواة....

وبدلا من تبادل التهانى بالعيد؛ الذى جاء بحال غير مرادهم؛ تبادل كل منهم السؤال عن أحوال مصابهم؛ وتحولت المشاركة فى الأفراح والليالِ الملاح؛ إلى مشاطرة فى الآلام والأحزان والأتراح!

والمشهد الأليم الذى حاول أن يخفيه صاحب المقهى بمفتاح؛ أضحى متاحاً ـ دون إخفاء أو تضليل ـ للرؤية البراح.....

فاضطر للمتابعة الحية على الهواء؛ لمقابلة قناة تلفزيونية جاءت فى هذه الأثناء؛ لتحاور البقية الباقية؛ من الزبائن الناجية من هذا البلاء؛ وتجولت الكاميرا لتسجل هول المأساه؛ ما بين المستشفى وشبكة المياه.....

شعر المذيع بالعطش الشديد؛ ورأى من بعيد المسؤول الجديد؛ يتناول المياه المعدنية؛ فسأله بغيظ مغلف (بحنية):
ـ متى تعود المياه الآدمية إلى مجاريها الطبيعية؛ فى هذه القرية المصرية؟!
فالتزم الصمت التام، ثم ألقى عليه السلام
ومضى!!!