Happy Chinese New Year

آر بى جى الإفطار: قصة قصيرة بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم


آر بى جى الإفطار

فى الوقت الذى انطلق فيه مدفع رمضان بقذيفته الصوتية الشهيرة؛ أطلق (مصاص الدماء) دانته الغادرة المغيرة؛ على دشمة عسكرية؛ تقع على حدود الوطن من الناحية الشرقية؛ فتناثرت الجثث والأشلاء؛ فى كافة الأنحاء المحيطة؛ وتخلفت عن الانفجارات حفر عميقة؛ ولم يتبقِى من الأحياء غير ذكريات؛ لم يمضِ على حوارها الذى كان إلا دقائق معدودات:

ـ غداً ميعاد أجازتى الشهرية، وسأفطر مع زوجتى وأولادى؛ أحبابى وفلذات أكبادى
ـ ربنا يخليهم لك، ويخليك لهم
ـ أخبار والدك (إيه) يا محمد؟  
ـ الحمد لله بخير؛ كلمنى من ساعة؛ وطمنى على أمى واخواتى، لكن قال لى: أمك قلقة عليك، وتوصينى (أخلى بالى من نفسى اليومين دول)
ـ واجب كنت تكلمها لتطمئن أكثر؟!
ـ بكره أكلمها بإذن الله
ـ جهزت الطعام؛ خلاص؟ ... ما عاد شىء على المغرب
ـ نعم؛ كله تمام
ـ أين المياة المثلجة؟!
ـ الكهرباء مقطوعة منذ 4 ساعات، غداً نعمل حسابنا ونحضر بلاطة ثلج
ـ قل ان شاء الله، يا (هنا لمن يعيش لبكره)!
ـ يا الله يا جماعة قولوا بسم الله
ـ بسم الله.... اللهم لك صمت وعلى رزقك أفـــ .

ثمن اللقاء : قصة قصيرة بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم


ثمن اللقاء

لم يكن يدور بخلدها؛ أن ولدها الذى أثبت تفوقه فى الماراثون التعليمى الطويل والمكلف والشاق؛ سيجلس فى البيت؛ منتظراً عملاً يناسب ما يحمله من شهادات وأوراق!

لقد ترك لها والده ـ رحمه الله ـ رصيداً كبيراً فى أحد البنوك التجارية؛ وأضحت فوائده لا تفى بمتطلباتهما المعيشية

ففى ظل ارتفاع الأسعار، وانخفاض سعر الفائدة؛ رأت تلك الوالدة؛ أن تسحب الرصيد؛ لتنفذ مشروعاً جديداً؛ يديره ابنها الوحيد وهو خير من يدير؛ فيعود عليهما بالخير الوفير....

هداها التفكير لتلك الفكرة؛ فقادتها قدماها إلى البنك؛ وأثناء جلوسها؛ فى انتظار دورها؛ وقع نظرها على الجالس بجوارها؛ شاب وسيم فى عمر ابنها، يبدو عليه مظاهر الثراء، ويشع من عينيه بريق الذكاء....

 تآلفت الأرواح من النظرة الأولى؛ وبدأ هو بالحديث إليها حديث ود وصفاء؛ فأخبرها أنه جاء لسحب بعض أمواله لعمل توسعات جديدة لمشروعه التجارى الناجح؛ سعياً وراء المزيد من النجاحات؛ ثم أبدى إعجابه بها؛ وبأناقتها وحسنها وثقتها فى نفسها؛ وشعر بعاطفتها نحوه تزداد توطداً وارتباطاً

جاء دورها؛ فسحبت رصيدها، ووضعته فى الحقيبة؛ وهى سعيدة أيما سعادة؛ وقبل أن تنصرف إلى بيتها؛ وجدت الشاب فى انتظارها؛ فمنحته رقم جوالها؛ ليكونا على اتصال

عاونها على الخروج؛ وودعها وداع الحبيب للمحبوب؛ فبادرته فى الحال بإشارة تأكيد على رقم الجوال
  
عادت وفاء إلى منزلها؛ وصورة أحمد تلازمها، والسعادة تفرد جناحيها لتحملها إلى عالم من الخيال؛ الذى أضحى قريب المنال؛ فقد وفقها الله بالتأكيد؛ إلى من سيساعدها فى تنفيذ مشروعها الجديد؛ وقلب تبحث عنه منذ زمن بعيد...

دق الهاتف.... فتحت .... سمعت
ـ صباح مشرق سعيد؛ أشكرك على ما حققتيه لى من سعادة؛ بحثت عنها طويلاً؛ لن أنساكِ أيتها الحبيبة؛ سأسافر الآن فى رحلة عمل، وعند العودة سأعاود الاتصال ... سلام

صوته الرجولى الحنون؛ ظل يتردد على مسامعها حتى بعد أن أغلق الخط؛ ثم اتجهت كفراشة حالمة نحو حقيبتها؛ فوجدتها خاوية.

قابيل وهابيل: قصة قصيرة بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم


قابيل وهابيل

استغاثة الرجل الذى يسابق عادم سيارتى؛ أجبرتنى على التوقف لاستطلاع الأمر؛ نصل سكينه أفزعنى؛ كاد قلبى يخرج من صدرى؛ لكن اضطرابه وانهياره لا يوحى بأنه مجرم

ـ أتوسل إليك خذنى بعيداً عن أخى الذى يتبعنى؛ هو مصمم على قتلى؛ روحى أمانة فى عنقك!

نظرت للخلف تجاه إشارة يده المرتعشة؛ لم أستبين من الظلام سوى شبح على بعد أمتار يهرول نحونا

دون انتظار لموافقتى قفز المُطَارَد داخل السيارة، وأمرنى بالانطلاق بأقصى سرعة

أبعدته عن الخطر؛ وخطر على بالى والدى ـ رحمه الله ـ الذى حرص على ألا يترك لنا ميراثاً نتقاتل عليه!

الاسم الأخير: قصة قصيرة بقلم الدكتورة مرفت محرم


الاسم الأخير

مطرقة الزمن تدق بلا وهن؛ معلنة اقتراب وصول غريب إلى أرض الوطن؛ فانطلقت العصفورة من عشها؛ لملاقاة وليفها؛ وهى ترقص رقصات طفولية؛ على تلك الأنغام الإيقاعية.... فى الوقت الذى همت فيه كائنات بحرية لاستقبال الضحايا!

وعلى طريقة (مصائب قوم عند قوم فوائد) تحولت موائد أسماك القرش فى لحظات؛ إلى عمل بهمة ونشاط فى الإذاعات والتلفزيونات المحلية والعالمية؛ وتناقلت وكالات الأنباء خبر غرق العبارة، وعلى متنها مئات الركاب

ومن حين إلى حين؛ تصدر بيانات بأسماء الناجين من الغرق؛ مجرد أسماء على ورق؛ فى كشوف طويلة ومهولة؛ تفحصتها الزوجة المكلومة على عجل؛ فلم تجد اسم زوجها؛ فعادت أدراجها إلى بيتها؛ ترثى حالها، وتندب حظها....

وما كادت تفتح الباب حتى انفتحت معه سعادتها؛ وانقلبت أحوالها من حال إلى حال؛ فقد كان اسم زوجها غريب عبد العال سمير،وأمه آمنة؛ هو الاسم الأخير فى تلك القائمة .